صوتُ أبي منشار يعلو- وهاهو يظهر أمام الجميع مغنياً، دائراً بين الناس)
أبومنشار : هِيْ يا أهلَ الدارْ
التنينُ أبو ألسِنةِ النارْ
شفطَ مياهَ الآبارْ
مرّوش : بدهشة) ماذا؟!
عرفان : بثقة) تكذبْ!!
أبو منشار : ينافق) مَنْ؟!!
السيدُ عِرفانْ؟!
أهلاً..
أهلاً بالرجلِ الحبّابْ
أهلاً يا أطيبَ إنسانْ
وفجأة يمسك بذراع عرفان ويسحبهُ بعيداً عن الناسِ المندهشين، ويكلمه هامساً)
لو تسْمَعُ مني تكسَبْ
عرفان : دعني
أبو منشار : يمسك به) احوالُكَ تصبحُ أحلى
أيامُكَ تغدو أطيبْ
عرفان : لا منْكَ ولا مِنْ غيركَ اسمعْ
يرفع صوتُه) زرعي أبداً لن أحْرِقْ
شجري أبداً لنْ أقطعْ
أبو منشار : بهدوء) لَهْ، لَهْ، لَهْ
ترفضُ نِعْمهْ؟!
يغريه) ترفضُ ذهباً
فِتْنَتُه فِتْنَهْ؟!
رَنَّتُهُ
موسيقا الجنَّه؟!!!
عرفان يباغت أبا منشار، ويقبض بكلتا يديه على رقبته ويبدأ بخنقهِ)
عرفان : أنذرْتُكَ أكثرَ من مرّهْ
أنْ تُعْفِيني مِنْ لعبَتِكَ القذِرَهْ
لكنكَ لم تفهمْ قصدي
بالمرّهْ
ويضغط) بالمرّهْ
ثم يقذف به نحوالناس. أبو منشار يترنح وهو يخبط على طبله مبتسماً ليداري موقفه وسط دهشة الناس. أما عرفان فيغادر الساحة مسرعاً دون أن ينظر خلفه على الإطلاق، مروش تزغرد، أبو منشار يخبط الطبل ويصرخ...).
أبو منشار : بَسْ... بَسْ.
هِيْ يا أهلَ الدارْ
التنينْ
سرقَ النبعَ وطارْ
كالإعصارْ
يتباكى - وهو يلطم على خديهِ)
ماعادَ هناكَ سواقي
ماعادَ هنالكَ أنهارْ
جاسم: للناس) أسمعتُمْ ماقالْ؟!
ماعادَ هنالكَ أنهارْ
يعني غاضَ الماءْ
بلعَتْهُ الأرضُ الصّماءْ
يصرخ) أنا لاأكذبْ
أبو منشار : وأنا أيضاً
ويخبط على طبله بقوة)
جاسم : بسْ يا...
ماذا نفعلْ؟!
أبو منشار : ياويلاه
مرّوش : هلْ أُخبرُكُمْ؟ !!
الطحان : قولي..
مرّوش : أفضلُ شيءٍ
أُدْعوا اللهْ
كي يرحمَكُمْ
في محنَتِكُمْ
أوْ...
أوْ حتى
-مِنْ نار جهنَّمَ-
يُنقِذَكُمْ
أبو منشار : يرفع فوراً يديه نحو السماء ويتضرع.. كاذباً)
ياربْ.....
يا اللهْ...
الجميع : يقلدون أبا منشار، بشكل عفوي، العجوز يحرك شفتيه وعيوش دهشة)
ياربْ
يا أللهْ
يا أللهْ..
وبعفوية يتوحد الجميع ضارعين إلى الله ليرحمهم، أبو منشار يضرب على طبله إيقاعاتٍ منتظمة، بحيث يتحرك الناس للرقص الطقوسي الديني، أما هو فينسحب بعد أن يندمجَ الناس في تضرعاتهم وأناشيدهم).
يا أللهْ
ارحمنا
يومَ الشدَّهْ
ساعدْنا
مِنْ عطفِكْ
لا تحرِمْنَا
وامنحنا خيْراتِ الجنَّهْ
يا أللهْ
ارحَمْنا
تهبُ ريحٌ قويةٌ ساخنةٌ، فيتمايلون، يتعرقون يمسحون عرقهم عن وجوههم وجباههم، ويتفرقون عن بعضهم، لكن الإنشاد الجماعي يبقى واحداً، متوحداً، والشكوى هي اللحن الواضح في الغناء)...
الريحُ الريحْ
تلسَعُنَا
بلهيبِ النارْ
تحرقُنَا
عطشٌ للماءِ ولا ماءٌ
يَروينا
يُطفِئُ غُلَّتَنَا(1)
يا أللّهْ
ارحمْنَا
صِرْنا كالفحمْةِ واسْودَّتْ
مِنْ نارِ جهنمَ جلْدَتُنَا،
ياربَ الكونِ ارحمنا
ياربَ ارحمنا ياربْ
حالتُنا صارتْ أصعَبْ
يا أللهْ
تتكرر الجملةُ الأخيرةُ بأسلوب متسارع يتناسبُ مع الدوران الراقص، ومع طبيعة الإيقاعات الصاخبة والحالة النفسية اليائسة للناس... وعند النهاية يركَعُ الجميع، ورؤوسهم وأيديهم ضارعة إلى الله).
(1) الغُلَّة= بضم الغين هي العطشُ الشديد.