المشهد الثاني
(يدخل الطحان وقد امتلأت ثيابه بذرات الطحين.. يبدو عليه تماماً خوفه ورعبه، إنه يرتجف منادياً الناسَ وهو يدور بينهم).
الطحان : هِي ياناسْ
أهلَ الخيرِ
هِي ياناسْ
أهلَ الخيرِ
أبو دعاس : (يمسك بالطحانَ خائفاً ويهزه).
ياطحّانْ
ماذا يجري؟!
(وهو يريه الفأس المكسورة)
انظرْ...
أترى؟!
فأسي انكسرَتْ
تربةُ حقلي يا طحانْ
أقسى مِنْ صخرِ الصّوانْ
ماذا يجريّ؟!
مرّوش : (كأنها ساحرة، تقلّد صوتَ الغراب)
قاقْ قاقْ
البومةُ تضْربُ بالسحْرِ
وتحيلُ الأرضَ إلى وَعْرِ
الطحان : (مرعوباً) يا أللهْ
أبو دعاس : لا تَسْمَعْها،
خَبِّرْنا...
الطحان : طيبْ ، طيبْ
(وكانه يتذكر ماجرى معه، يحكي في البداية بهدوء...)
كنتُ أُديرُ الطاحونَةْ
أطحنُ للناسِ المونَةْ
فجأة
مرّوش : (ومعها الأطفال الذين تقودهم في ألعابها)
إي
الطحان : (بخوف) إي ماذا؟!
أبو دعاس : أكملْ
الطحان : زَعَقَ الحجرُ الأزْرَقْ
مرّوش : (ومعها الأطفال) زِيقْ
الطحان : وتوقّفَ كالأحمقْ
أبو دعاس : تابعْ
الطحان : حاضرْ
قمْتُ، دفَعْتُ، سحَبْتُ، جرَرْتُ
فانقطعتْ مني الأنفاسُ
ثمَّ صرختُ.
مرّوش : (تقطع كلام الطحان، وتبدأ بأهزوجة، تدور في المكان والأطفال يقفزون وراءها فرحين، هي -وهم- يقلدون أفعال الطحان).
دُوري دُوري ياطاحونَةْ
دوري دوري ياشَعْنُونَةْ
حتى أطحنَ قمحَ الناسْ
منْ باقي المونَةْ
دوري
(وهم يقلدون حماراً)
حا...
دي، دي
دوري ، دوري
(يتوقفون عن لعبهم، وكأنهم فشلوا...)
حَرَنَتْ مثلَ حمارِ
هِشْ
الطحان : (كان قد استمتع بلعبة مرّوش، والأطفال لأنهم -حقاً- قلدوه بما فعل، ولهذا فهو فرح، لكنه مندهش).
صَحْ!!
حرَنَتْ مثلَ حماري
كيفَ عرْفتِ؟!
مرّوش : جحشُكَ ينهَقُ بالأخبارِ
الأطفال : (يقلدون صوتَ نهيقِ الحمار)
ها... ها... ها... ها...
أبو دعاس : (يصرخ) بسْ.. يكفي
الطحان : (يدفع مرّوش بيده)
رُوحي عنّي
(ويلتفت نحو الناس الآخرين)
قولوا لي..
ماذا أفعلْ؟!
مرّوش : أحسنُ شيءٍ، لا تسْأَلْ
الطحان : والطاحونْ؟!