كثر الحديث عن الغلاء في وسائل الإعلام العالمية والمحلية، وبين الناس، وفي المواقع المختلفة في شبكة الإنترنت، كما هو الحال في هذا المنتدى لأنها قضية تهم الناس على مختلف مداخليهم وأعمارهم.
وبعد بحث طلعت بعدد من النقاط التي أود مناقشتها،
• الغلاء تركز على سلع واسعة الاستهلاك وليس جميع السلع، كالمواد الغذائية والمعادن والمحروقات من نفط وفحم وغاز، في المقابل أخذت بعض السلع بالانخفاض كالهاتف النقال، ويكاد الناس قد نسوها لقلة ما يشترونه منها، قياسا بما دخله الغلاء.
• الغلاء اختلف من عملة إلى أخرى، في أوربا حيث التعامل باليورو كان أخف، أما في الولايات المتحدة ومن يتعاملون بعملات مرتبطة بالدولار كان أشد، ومن العملات ما انخفض حتى مقابل الدولار في الدول الفقيرة جدا.
• كما اختلف الغلاء من بلد لآخر، باختلاف سياسة الحكومات، في منطقة الخليج كانت الإمارات أسوأ دولة تعرضت للغلاء، لأنهم رفعوا عددا من السلع المحلية، كالوقود والكهرباء ومياه الشرب، وللأسف تأثرت عمان بهم، لأن الإمارات الدولة المصدرة الأولى لعمان، وساهم غلاء السلع المستوردة من دولة الإمارات كالإسمنت وغيره في ارتفاع السلع في السلطنة، كما اضطرت الحكومة لرفع سعر وقود الديزل في مرحلة سابقة، وإلى وضع رسوم عند عبور الحدود.
• هناك من استفاد من الغلاء، مثلا البلدان المصدرة للنفط الخام استفادت من غلاء النفط الخام، ولولا رفع سعر الديزل ما كان لغلاء النفط أي أثرسلبي مباشر على المواطن العماني،
• ما يقال عن التأثير العالمي لسعر النفط على البضائع كلام أكثره أوهام، لأن الوقود كان مرتفعا بسبب الضرائب حول العالم قبل الارتفاع في سعر النفط الخام، ولا يشكل الوقود إلا نسبة صغيرة من التكلفة حتى في إنتاج الأغذية،
• ما يسمى اتفاقيات تحرير التجارة ساعدت على الغلاء ،فبناء عليها رفعت دول الدعم عن بضائعها، وهناك دعوات مستمرة لا تزال عدد من الدول مثل الاتحاد الأوربي تقاومها لإلغاء الدعم عن المنتجات الزراعية.
• الارتفاع في سعر الأغذية نتج من عدة عوامل، أولا ضعف الاستثمار في القطاع الزراعي لأن ربحية المشاريع غير الزراعية كانت في السنوات الماضية أكثر، كما تحولت الأراضي الزراعية والمياه العذبة لاستخدامات أخرى، مشروع سياحي مع ملاعب جولف مثلا عائداته أكثر من مزرعة بنفس المساحة، وتزايد السكان عالميا، إضافة إلى زراعة المزيد من الأراضي لإنتاج السجائر والخمور والمخدرات مع تزايد الطلب عليها، وبالتالي الارتفاع في سعر الأغذية لن يحد منه إلا توجه الاستثمارات من جديد إلى هذا القطاع الحيوي، وهو ما سوف يحصل عندما ترتفع الأغذية إلى مستوى معين يصعب تحديده.
• عدد من البضائع التي ارتفعت أسعارها كان نتيجة ضعف الإنتاج المحلي، وفي مقدمتها الإسمنت، فسوء التخطيط، والاعتماد على استيراده من دولة الإمارات، فلما ارتفع سعره هناك ومع تزايد حركة البناء هنا، وتحت شتى الذرائع الواهية رفضت وزارة الاقتصاد بناء مصانع جديدة لعدم توفر غاز، بينما الغاز العماني يباع بثمن بخس إلى كوريا، وهناك العديد من الأمثلة على سوء التخطيط وللأسف الشديد.
• ارتفاع سعر العقارات في السلطنة بدأ على نطاق واسع في مسقط، وقد تزامن مع ارتفاع الإيجارات مع تناقص عدد المباني الجديدة قياسا بالطلب، وهناك عوامل حدث من الاستثمار في البناء، من بينها غلاء مواد البناء، وعدم توفر الخدمات في كثير من المناطق، وتحول الأموال إلى سوق الأسهم، وعلي أية حال تقبل من بقي من السمتثمرين سعر الأراضي المرتفع، وخاصة أن أي أرض سكنية كان يسمح فيها ببناء شقق أو بيت من طوابق يقسم إلى بيوت، لكن ارتفاع سعر الأراضي جر معه عدد كبير من المضاربين، الذين يشترون الأرض اليوم بملبغ ليس ليبنوا فيها ولكن ليبيعوها بعد أشهر قليلة ويربحوا فيها الآلاف، وكلما دخل مضاربون جدد زاد ارتفاع سعر الأراضي حدة، ومعه ارتفاع الإيجارات، فدخلت العاصمة وحتى بعض المدن الأخرى في حالة غلاء أراضي وإيجارات.
والموضوع يطول فيه الحديث.
